نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية مساء يوم الأربعاء 20 مارس الجاري أمسية ثقافية بعنوان) التجارة والتجار في دبي ـ إطلالة تاريخية في نصف قرن) حاضر فيها سعادة الأديب عبد الغفار حسين وأدارها الكاتب والإعلامي علي عبيد الهاملي، وحضرها نخبة من الوجوه الثقافية والإعلامية في الساحة المحلية في مقدمتهم سعادة بلال البدور ود. محمد سالم المزروعي ود. عبد الخالق عبد الله وميرزا الصايغ وعبد الحميد أحمد الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية.
قال علي عبيد في بداية المحاضرة أن عبد الغفار حسين من الأسماء البارزة و اللامعة في عالم الثقافة والصحافة في دبي وله حضور واسع في الحياة العامة وفي جعبته عشرات الكتب التوثيقية والابداعية. وقدم الهاملي لموضوع المحاضرة بإطلالة عامة على الحياة التجارية في دبي عبر مرحلتين الأولى بداية القرن العشرين والثانية بعد الحرب العالمية الثانية.
وقال عبد الغفار حسين في محاضرته:
التجارة والتجار والسوق التجاري، علامة لوجود اقتصاد نشط في المجتمع الذي تتواجد فيه هذه العلامة، وهذه الصفة هي التي أشار إليها القس الأمريكي زويمر الذي زار دبي أواخر عام 1901 وكتب في مذكراته “هذه هي العاصمة لساحل عمان، وستحل محل لنجة” وقد عَبَر القس الأمريكي عن انطباعه هذا، حيث قال، هذه عاصمة ساحل عمان، وستحل محل لنجة. وكان هذا في عهد الشيخ مكتوم بن حشر، الجد الذي تولى الحكم عام 1894 – وتوفي عام 1907.
وكان لتولي هذا الحاكم المتنور بداية حسنة لإحياء ما كان أبوه الشيخ حشر بن مكتوم 1859 -1886 يرغب فيه، حيث بدأ في عهده استقبال وفود تجارية من عمان ومن فارس ومن شرق السعودية ومن الكويت. وأول شيء فعله الشيخ مكتوم بن حشر هو إقامة ما يدعي محلياً بـ “الفرضة” او إدارة الجمارك على الخور لتسهيل شحن البضائع وحملها.
وأضاف عبد الغفار:
يعتبر هذا العمل أول ميناء يقام في هذه المنطقة وكذلك بناء الأسواق والدكاكين على ضفتي الخور في بر دبي وديرة، وأرسل الشيخ مكتوم وفوداً إلى لنجة والكويت وشرق السعودية وعمان ليتصل بالتجار ويرغبهم في المجيء إلى دبي، وهذا أول إجراء تقدمي من حاكم في المنطقة.
ونتيجةً لقدوم عدد كبير من التجار في لنجة ومن أنحاء أخرى من الخليج ومن عُمان، بدأت بواخر الشحن الكبيرة القادمة من الهند تغير مسارها من لنجة إلى دبي، وجاءت أول باخرة عام 1902 لترسو بالقرب من الشندغة تحمل بضائع التاجر عبد القادر عباس الذي نقل تجارته الواسعة من لنجة إلى دبي.
وفي عهد الشيخ مكتوم بن حشر رحمه الله، ونتيجة للنشاط التجاري قفزت تجارة اللؤلؤ في دبي إلى حوالي عشرة ملايين روبية، كما رواها مؤرخون انجليز في ذلك الوقت. وقال المؤرخ أحمد فرامرزي الذي له كتب عن عمان وفارس وزار دبي عام 1917، “أن التجار الذين قدموا إلى دبي من لنجة حولوا ثروة تقدر ب 18 مليون روبية وعلى رأس هؤلاء عبد القادر عباس وفاروق عرشي” و18 مليون تعنى على الأقل 10 مليار اليوم.
وفي عهد الشيخ مكتوم بن حشر رحمه الله، تأسس أول بريد في المنطقة في سوق بر دبي عام 1906 وكان لهذا المشروع صدى كبيراً سهل المراسلات التجارية.
وقال أيضاً في محاضرته:
وجاء من بعده الشيخ بطي بن سهيل ثم الشيخ سعيد بن مكتوم بن حشر الذي تولى الحكم عام 1912، ليستكمل تلك المسيرة، من حسن حظ دبي أيضاً أن الشيخ سعيد القى زمام أمور البلد إلى ابنه الشيخ راشد بن سعيد 1935، وأدارها الشيخ رحمه الله بجدارة واجتهاد، وبدأت دبي بعد الحرب العالمية مباشرةً تتجه اتجاها جديداً في العمران وإيجاد المؤسسات الحديثة والبنوك والشركات التجارية الكبرى وغير ذلك مما سأذكرها أن شاء الله في كتابي “دبي الأولى” الذي أرجو إصداره قريباً.
وختم عبد الغفار حديثه بقصيدة الشاعر أحمد أمين المدني بعنوان “دبي ما أبهاكِ” والتي يقول مطلعها:
دبيُّ.. وما أبهاكِ للعينِ نزهةً
وأجملُ ما يبدو لعينٍ، وأَبدَعُ
حَبَوتُكِ مِن روحي روائعَ ثَرَّةً
بحُبّي، وأشعاراً بذكركِ تَصدعُ
أرى الشَّمسَ في آفاقكِ الزُّرقِ فضَّةً
تَموجُ بألوانِ الجمالِ وتَمرَعُ
وقد ساهمت الأسئلة من قبل الحضور في إغناء المحاضرة وإثراء المعلومات عن الحياة التجارية في دبي، التقطت الصور التذكارية الجماعية.